بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ فَيُقَالُ: لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ". أخرجه أحمد (3/203 ، رقم 13134) ، وعبد بن حميد (ص 391 ، رقم 1313) ، ومسلم (4/2162 رقم 2807) وابن ماجه (2/1445 ، رقم 4321) ، وأبو يعلى (6/231 ، رقم 3521). قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم": قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَيُصْبَغ فِي النَّار صَبْغَة) أَيْ: يُغْمَس غَمْسَة.
أخي المسلم تأمل معي واقرأجيدا الحديث ما الذي فهمته ؟ماالذي استنتجته وتعلمته من هذا الحديث الشريف ؟ أرأيت ماالذي يقوله أنعم أهل الدنيا الذي كان يعيش في العز والنعيم ولم يكن ينقصه شيءلا المال ولا الجاه ولاالبنون ولا الزوجات ولا الخيرات و كل ما كان يتمناه يجده امامه بكل سهولة وبساطة أرأيت ماالذي يقوله الله تبارك وتعالى يوم القيامة يوم لاينفعه لاماله ولاجاهه ولااهله ولااي شيء ؟ يقول :حين يسأله الله سبحانه وتعالى :هل رأيت خير قط؟ هل مر بك نعيم ؟فيجيب :لا والله يارب ...أرأيت اخي المسلم كيف أن نعيم الدنيا زائل ولايدوم وأن غمسة واحدة واحدة فقط في نار جهنم أنسته كل النعيم الذي كان فيه كل الخيرات الدنيوية التي عاشها وتمتع بها وتلذذ بالشهوات والمعاصي و أفسد وأسرف و طغى وتجبر ونسي انه هناك اله ورب سبحانه وتعالى سيحاسبه ويسأله عن ماله فيما أنفقه وعن عمره وشبابه فيما أفناه وعن كل لحظة عاشها فيما استخدمها أكانت في طاعة أم في معصية؟ فبدل أن يشكر الله ويحمده ويستخدم المال الذي أكرمه الله به في الطاعات وفي كل مايرضي الله ويقربه منه استخدمه في المعاصي والآثام و في كل ما يغضب الله تعالى و بدل ان يصلح في الأرض كان مفسدا طاغيا جبارا جعل المال سيده بدل ان يكون هو سيد المال استعبد المال واتبع الشهوات وهواه ونفسه والشيطان و نسي ان الله جعله في الأرض خليفة ليعمرها ويصلح فيها و ينشر فيها الخير ويعمل فيها كل ماهو صالح ويرضي الله سبحانه وتعالى نسي أن الله أكرمه وفضله على سائر المخلوقات فجعله معززا مكرما و أنعم عليه بالمال والسعة في الرزق وما شكره وما حمده بل تكبر وطغى واستخدم النعمة فيما يغضب الله ،ماذا لو أنه استخدم ماله في طاعة الله واصلاح الأرض وفي الخير وجعله سببا لدخوله الجنة بدل دخوله النار ؟ أليس كان أفضل ؟أليس جميلا أن يتمتع في النعيم الدائم والخيرات التي لاتزول ؟ والأمر ليس صعبا ولا شاقا انما عليه أن يكون طائعا عابدا حامدا شاكرا لله تعالى وأن يستخدم المال الذي أنعم الله تعالى به عليه بالطريقة الصحيحة و ان يجعل منه نصيبا للمسكين والسائل واليتيم والضعيف والمعوز و كل محتاج لانه في الواقع هو ليس ملكه انما ملك لله سبحانه وتعالى متى اراد ان ينزعه من بين يديه فعل ذلك و تركه صفر اليدين ، الرزق رزق الله والمال مال الله وكل شيء ملك لله ونحن لا نملك شيئا انما الله هو من يسخر الاشياء لنا ويجعلها تسري بين ايدينا ان شاء تركها لنا وان شاء نزع كل شيء من بين ايدينا فهو سبحانه بيده ملك كل شيء وهو الغني ونحن الفقراء وهو سبحانه الكريم ونحن البخلاء نعم بخلاء لا نشكره لا نذكره ونعصاه ونرضي انفسنا والشيطان بدل ان نرضيه و رغم ذلك فهو الحليم الصبور الكريم الجواد لا ينسانا ونحن ننساه يصبر علينا ويمهلنا الوقت والايام والشهور والسنين لنتوب ونعود اليه ونحن نعصي وهو سبحانه الصبور يسترنا ولا يفضحنا وان عدنا اليه فهو الغفور الرحيم يمحي كل الذنوب والمعاصي و يغفر لنا ويرحمنا فما أكرمك يا الله يا حبيبنا وسيدنا ووليّ نعمتنا وأنت أخي المسلم يا من تعتبر نفسك أشد النا س بؤسا لا تحزن ولا تيأس فان الله معك والله سبحانه وتعالى يمتحنك ويختبرك واصبر فان الله مع الصابرين و يا اخواني المسلمين في غزة وفلسطين الحبيبة وفي كل ارض مسلمة مضطهدة اصبروا وصابروا وجاهدوا وواصلوا طريقكم ولا تيأسوا فأنتم الفائزون انتم من قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم :و يُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ فَيُقَالُ: لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ." والله غمسة واحدة واحدة فقط تنسي المؤمن التقي الصالح العابد الخاشع المحب لله تعالى والساعي لارضائه وطاعته و الذي عاش حياته مسكينا بائسا فقيرا معوزا قانعا حامدا شاكرا تنسيه كل العذاب والآلام التي عاشها في هذه الدنيا الزائلة الفانية فالله مع الصابرين وقريب من عباده ويحفظهم ما داموا يحفظوه ويطيعونه ويخافونه و يسعون لارضائه ويطمعون في جنته ونعيمها ويخشون ناره وحرها .
اللهم اجعل حبك أحبّ الأشياء اليّ ،واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندي ، واقطع عنّي حاجات الدّنيا بالشّوق الى لقائك ،واذا أقررت أعين أهل الدّنيا من دنياهم فأقرر عيني من عبادتك .